نقلت اليكم هذه القصة المؤثرة التى توضح معنى ورموز جلية فى حياتنا بحاجة الى وقفة
وقع لخمة هذا في قصّة حب ذاع صيتها في قريته وما حولها، إذ شوهد بداية حبه لـمرزوقة وهو ساهمٌ كثير الإطراق في الأرض والتحديق في الحشائش لا يأكل منها، فقالت الجارات : عين وصابته و قال قائل : الكبر عبر.
ظل شرود لخمة وتقاعسه عن نقل المياه؛ حديث القرية إلى أن لمحته فتاة يسترق النظر إلى الفرس مرزوقة وهي تتبختر في الحقول؛ ففزّ قلبه بين ضلوعه و تسارعت ضرباته وصار ينهق و يحجل يميناً وشمالاً، والفرحة تقفز من عينيه.. فهمت الفتاة ما بقلب لخمة من حب لمرزوقة و هيام. فنزلت عنه و تركته بعيداً لترقب ما سيفعل، وأومأت للفتيات من حولها أن يلتزمن الصمت وقد كان.
مشى لخمة الهوينة صوب مرزوقة مظهراً بعض الألحان في نهقاته، فنهقة تخرج خفيضة ونهقة تخرج طويلة بتعرجات و تدرّجات صوتية.. هذا كله ومرزوقة لا تلقي له بالاً.. قيل وأن بعض الفتيات صرن يرشقن مرزوقة بزهر الياسمين علّها تنتبه لهذا المتيّم القادم إليها.. رفعت مرزوقة رأسها باتجاه الياسمين المتساقط عليها فوجدت ياسميناً وحماراً يصنع حركات جنونية، فعادت إلى مضغ عشبها الأخضر الطري معطية عورتها للخمه هازّة ذيلها بحركات يفهمها الغادي و الرائح على انها تفيد معنىً واحداً : انطم
فهم لخمة رد مرزوقة وجوابها فحزن حزناً شديداً، و لزم مكيله عند شجرة البلوط لا يغادر مكانه إلا قليلاً فحار صاحبه وأهل القرية لما آل إليه، إلا أن بعض الفتيات يعرفن ما ببال لخمة فأجمعن أن يساعدنه على تجاوز محنته. قالت إحداهن : عليّ ما عليّ إلا أعرفه على حمارتنا مملوحة. نهق لخمة مبديا رفضه.. فالجميع يعرف –بمن فيهم لخمة- أن مملوحة حمارة جميلة و أنيقة إلا أنها لا لا تعرف الخمسة من الطمسة ولا تفرّق بين الواحد و كوز الدره. قالت فتاة أخرى : دواه عندي.
وقامت إليه تنظّفه بالماء و الصابون و تلبسه أجمل بردعة في القرية كلّها و ترش عليه من ماء الياسمين وتزيل القذى المتكوّم حول عينيه و قد أتت بأجراس و ربطتها بذيله، و قالت له : لا تنهق قدام مرزوقة.. وكلما شئت قول شيء .. حرّك ذيلك.
وضعن فوق البردعة قربة ماء ثقيلة و جميلة، فكما يعلم البعض أن الحمير كالبشر تتباهى بقدرتها على حمل كل ثقيل..
ثم صحبنه إلى الحقل الذي تحب مرزوقة أن ترعى فيه دائماً فتركوه يقوم بما عليه القيام به، نادته فتاة : تذكّر، لا تنهق يا لخمة لا تنهق و مشى الخيلاء صوب مرزوقة بما عليه من محامل فلم ترعه انتباها.. حرّك ذيله قليلاً فخرجت أصوات جميلة من تحت عورته مما استرعى انتباه مرزوقة فرفعت رأسها لترى من أين تأتي هذه الأصوات و إذ به بشحمه و لحمه الحمار لخمه ولكنه لا يبدو كباقي الحمير. هو الآن جميل و بعينين نظيفتين و شعر مطعّم برائحة الياسمين و عليه بردعة عليها قربة ماء ثقيلة جداً.. فنزل في قلبها شيء من استحسان لهذا الحمار الجميل ذي الأصوات الجميلة.. صهلت قليلاً في إشارة قبول و حبور.. ابتسم لخمة وما انفك يحرّك ذيله يميناً ويساراً متذكراً وصيّة الفتاة بأن لا ينهق ..
مشت مرزوقة إلى الأمام قليلاً بدلال و غنج فعادة الإناث من الحيوانات لا تختلف كثيرا عن عادة البشر في تلقّي الغزل.
لحقها لخمه مخبئاً شيئاً من الإمتلاء في حوصلتيه فيما يشبه كتمه لنهقة تقف على باب حنجرته لا يصدها سوى وصيّة الفتاة بأن لا ينهق.
اقترب لخمة من مرزوقة، تصهل هي و هو يحرّك ذيله.. و وسط جوّ من الحميمية التي أخذت تتعاظم بين الحبيبين صارت مرزوقة تلعق بلسانها عنق لخمه القصيرة وتمرر لسانها تحت أذنيه مما حدا بلخمة أن يزيد من وتيرة تحريكه للأجراس المعلّقة أسفل العورة.
البنات يراقبن ما يجري بين العاشقين الحالمين.. أخذت إحداهن ترمي من زهر الياسمين ما ترمي على لخمه و مرزوقة مباركة لهما هذا الحب الجميل، و مرزوقة تواري خجلها أمام هذا البطل الذي يحمل قربة الماء العظيمة دون أن يبدي تأففا أو ضجراً.. فهو لا بدّ قويّ جداً حتى يحملها كل هذا الوقت. ياااه ما أجمل بردعته قالت في نفسها وتابعت : لم أسمع مثل هذا الصوت الجميل من قبل.
زادت وتيرة الحب و الوفاق بين العاشقين وصار قلب لخمة يضرب بلا هوادة، و كلّما أراد أن يقول لها كلمة يلعق عنقها بلطف فتدنو هي من الأرض خجلاً و حياء..
تعب ذيل لخمة مما يحمل ومن استمرار حركته فهو وإن كان ذيل حمار قوي إلا أنه في النهاية ذيل، فتباطأت حركته إلى أن سكنت، وبالتالي ارتخت الأصوات.. قالت فتاة : هذا ما لم نحسب له حساباً
ساد الصمت بين لخمة و مرزوقة.. هي تحك رقبتها برقبته و هو يكتم إرهاقه من هذا الذي فوق ظهره، ثقل الحمل عليه وعلى أرجله فارتخت، بدأ يتنفّس بقوّة، وهنت قدماه الخلفيتان فانثنتا قليلاً، جاهد كي يعود إلى صلابته، أخذ نفساً عميقاً عميقاً من جوف رئتيه فخرجت معه نهقة مدويّة ذُهلت معها مرزوقة و أصابها الهلع.
حينها تذكّر لخمه أنه حمار لا طلع ولا نزل، و مهما فعل كي يحظى بحب مرزوقة سيبقى حماراً. فتقافز كالمجنون حتى أوقع قربة الماء والبردعة عن ظهره و أخذ يجري باتجاه شجرة البلّوط بسرعة ينهق عاليا فغطى على صوت الأجراس الصاعدة من أسفل عورته.