قضت محكمة جنايات القاهرة فى جلستها أمس»الخميس» برئاسة المستشار محمدي قنصوة بإحالة أوراق كل من محسن السكرى ضابط الشرطة السابق المتهم الأول ورجل الاعمال هشام طلعت مصطفى المتهم الثانى إلى فضيلة المفتى لاستطلاع رأيه بشأن الحكم بإعدامهما وذلك لإدانتهما فى قضية مقتل الفنانة اللبنانية سوزان تميم. وحددت المحكمة جلسة 25 يونيو/حزيران المقبل للنطق بالحكم النهائى بحقهما وذلك بعد ورود الرأى الشرعى لفضيلة المفتى. وفور إعلان الحكم الذى استغرق أقل من دقيقة حدثت مشادات بين أهالى المتهمين والمحامين داخل قاعة المحكمة التى عقدت وسط إجراءات أمنية مشددة. وانتابت المتهمان حالة من الهياج بعد النطق بالحكم وفقدت «سحر «شقيقة هشام طلعت مصطفي وعيها ، واعتدى أهالي المتهمين بالسب والضرب على الصحافيين . وقد ألقى المستشار محمدي قنصوة الحكم قائلاً :
بسم الله الرحمن الرحيم : إن الحكم إلا لله ، النطق بالحكم :بعد المداولة قررت المحكمة إحالة أوراق المتهمين إلى فضيلة مفتى الديار المصرية، وبعد النطق بالحكم بدأ الهرج داخل المحكمة وترددت صرخات فى المكان. وقد خرج القاضى من غرفة المداولة فور النطق بالحكم وتم سحب المتهمين من القاعة ولم يذكر القاضى الحيثيات وانما ذكر إحالة ارواق المتهمين للمفتى .
ومنذ أن دخل هشام طلعت مصطفي قفص الاتهام بملابس السجن البيضاء كان يصلى ويقرأ القرآن ، ولحظة النطق بالحكم ضج المكان بالصراخ والعويل ووقعت مشادات ومعارك واشتباكات مع الامن المصري خارج المحكمة من قبل أهالي المتهمين . واعتدى أفراد الحراسة الحاضرين مع شقيقة طلعت مصطفى على المصورين الصحافيين الذين تدافعوا فور رفع رئيس المحكمة للجلسة لتصوير محسن السكرى وهشام، وأقاربهما، كما قاموا بالاعتداء على الصحافيين والإعلاميين، الأمر الذى دفع اللواء اسماعيل الشاعر مساعد أول وزير الداخلية المصري مدير أمن القاهرة الذى كان متواجدا لحظة النطق بالحكم إلى إصدار أوامره لحرس المحكمة بحماية الصحافيين ومرافقتهم لخارج قاعة المحكمة بعيدا عن أهالى المتهمين الغاضبين. وأصيب والد محسن السكرى الذى حرص على حضور كافة جلسات المحاكمة وحتى جلسة أمس، بحالة انهيار وتعالت صراخاته وأقربائه عقب صدور قرار إحالة نجله إلى المفتى تمهيدا لإعدامه، فيما تلفظ العديد من الحضور من أقارب ومعارف المتهمين السكرى وطلعت مصطفى بألفاظ نابية وسباب بحق الصحفيين والاعلاميين، متهمين اياهم بأنهم قاموا بتضخيم القضية إعلامياً والتأثير على المحكمة.
وشهدت الجلسة حضورا إعلاميا وصحافيا مكثفا، إذ احتشد مراسلو وكالات الأنباء ومصورو الفضائيات الإخبارية المحلية والعالمية والصحافيين والمصوريين منذ الثالثة فجر أمس « الخميس» أمام مبنى محكمة جنوب القاهرة الابتدائية والتى اكتظت بهم تماما.
واحتشدت قوات الأمن بكثافة داخل وخارج مبنى وقاعة المحكمة، حيث تراص الآلاف من جنود الأمن المركزى والقوات الخاصة وشكلوا كردونات أمنية على امتداد الطريق إلى داخل القاعة التى تم مسحها من خلال كلاب الحراسة المدربة على كشف المفرقعات، فضلا عن التدقيق فى هوية كافة الحضور إلى حد التفتيش الذاتى ومرورهم على 3 بوابات إلكترونية لكشف المعادن والأسلحة وتسجيل أسمائهم ووظائفهم لأكثر من مرة. وتسبب عدم التنظيم الكافي بداخل قاعة المحكمة قبل أن تعتلي هيئة المحكمة المنصة لتنطق بقرارها، إلى حدوث مشادات لفظية واشتباكات بين مصورى القنوات الفضائية وبعضهم البعض ومع الصحافيين نتيجة الزحام الشديد وعدم اتساع القاعة لكم الحضور الهائل، ووصل الأمر إلى حد الاشتباك العنيف بين أحد الصحافيين بجريدة خاصة، وأحد مصورى الفضائيات، حيث تعديا باللكمات والضرب العنيف والسباب فى حق بعضهما البعض، قبل أن يتدخل الأمن لاخراجهما معا من القاعة. وكانت محاكمة محسن السكرى وهشام طلعت مصطفى المدانين بالقتل للأول والتحريض والاتفاق والمساعدة على قتلها للثانى، قد استغرقت 27 جلسة على مدى 5 أشهر تقريبا، نفيا فى أول جلسة لها ما هو منسوب إليهما من اتهامات، فيما طالبت النيابة بعقوبة الإعدام لهما فى ضوء قرار الاتهام الصادر ضدهما من النيابة العامة. واستمعت المحكمة خلال جلسات المحاكمة إلى عدد كبير من شهود النفى والإثبات لوقائع القضية، من بينهم ضباط بالإدارة العامة بشرطة دبى ووزارة الداخلية المصرية، وخبراء من وزارة العدل والطب الشرعى بمصر ودبى، وعدد من العاملين بمجموعة شركات طلعت مصطفى، وأصدقاء مقربين للفنانة القتيلة سوزان تميم .
وكانت المحكمة قد قررت فى ثالث جلساتها لنظر القضية حظر النشر فيها بجميع وسائل الإعلام «المرئية والمسموعة والمقروءة»، وقصر النشرعلى منطوق قرارات المحكمة وما يصدر عنها من أحكام سواء كانت تحضيرية أو تمهيدية وكذلك الحكم النهائي، وحصرت التسجيل «ما يدور فى الجلسة» على التدوين فى محضر الجلسة فقط دون النشر.
وسبق للنيابة العامة أن أحالت المتهمين للمحاكمة الجنائية عقب انتهاء تحقيقاتها فى القضية، حيث نسبت إلى محسن السكرى أنه ارتكب جناية خارج البلاد إذ قتل المجنى عليها سوزان عبد الستار تميم عمدا مع سبق الإصرار، بأن عقد العزم وبيت النية على قتلها فقام بمراقبتها ورصد تحركاتها بالعاصمة البريطانية «لندن» ثم تتبعها إلى إمارة دبى بدولة الإمارات العربية المتحدة، حيث استقرت هناك. وأوضحت النيابة أن المتهم أقام بأحد الفنادق بالقرب من مسكن سوزان، واشترى سلاحاً أبيض (سكين) أعده لهذا الغرض، ثم توجه إلى مسكنها وطرق بابها، زاعما أنه مندوب عن الشركة مالكة العقار الذى تقيم فيه لتسليمها هدية وخطاب شكر من الشركة، ففتحت له باب شقتها إثر ذلك، وانهال عليها ضربا بالسكين محدثا إصابات شلت مقاومتها وقام بذبحها قاطعاً الأوعية الدموية الرئيسية والقصبة الهوائية والمرىء مما أودى بحياتها.
وذكرت النيابة أن هذا الأمر مبين وموصوف بتقرير الصفة التشريحية والتحقيقات وكان ذلك بتحريض من المتهم الثانى هشام طلعت مصطفى مقابل حصول السكرى منه على مبلغ نقدي قيمته مليونا دولار ثمنا لارتكاب تلك الجريمة.. كما حاز بغير ترخيص سلاح ناري (مسدس ماركة سى زد) عيار 6.35 على النحو المبين بالتحقيقات، وحاز أيضاً ذخائر (29 طلقة عيار 6.35) حال كونه غير مرخص له بحيازته على النحو المبين بالتحقيقات. ونسبت النيابة العامة إلى هشام طلعت مصطفى أنه اشترك بطرق التحريض والاتفاق والمساعدة مع محسن السكرى فى قتل المجنى عليها سوزان تميم انتقاما منها، وساعده بأن أمده بالبيانات الخاصة بها والمبالغ النقدية اللازمة للتخطيط للجريمة وتنفيذها وسهل له تنقلاته بالحصول على تأشيرات دخوله للمملكة المتحدة ودولة الإمارات العربية المتحدة فتمت الجريمة بناء على هذا التحريض وذلك الاتفاق وتلك المساعدة.
وكانت الفنانة اللبنانية سوزان تميم قد قتلت في دبي ، أواخر يوليو/ تموز الماضي، ووجهت التهم في تلك الجريمة إلى كل من ضابط الشرطة المصري السابق، محسن السكري ،ورجل الأعمال الشهير هشام طلعت مصطفى. وكان المتهمان قد أنكرا ما نسب إليهما من اتهامات، فيما دفع محاميهما ببراءتهما، وسعيا إلى التشكيك في أدلة الاتهام حيث استند فريد الديب محامي المتهم الثاني، إلى ما جاء في مرافعة الدفاع عن المتهم الأول، الذي كان قد شكك في عدد من الأدلة التي استندت إليها النيابة.
وفي مرافعته شكك عاطف المناوي، محامي المتهم الأول، في الملابس التي قالت النيابة إن المتهم كان يرتديها وقت ارتكابه للجريمة، كما شكك في السلاح المستخدم بالقتل، وكذلك في الصفة التشريحية لجثة القتيلة، التي ذُبحت بسكين في شقتها بمنطقة «المارينا» في دبي. وسبق للنيابة العامة أن أحالت المتهمين، السكري ومصطفى، إلى محكمة الجنايات، عقب انتهاء تحقيقاتها في القضية، حيث نسبت إلى المتهم الأول «السكري» تهمة «ارتكاب جناية خارج البلاد، بقتله المجني عليها سوزان عبد الستار تميم، عمداً مع سبق الإصرار». وكان كل من هشام طلعت مصطفى ومحسن السكري قد طعنا، في جلسات سابقة، في الأدلة التي تم العثور عليها في مسرح الجريمة بدبي، من بينها تي شيرت وسكين وبنطلون وحذاء رياضي، وقالا إنها قد تكون «ملفقة» أو جرى تبديلها ، ولا يجب الأخذ بها كدليل ضدهما. ويعد الملياردير هشام طلعت مصطفى من كبار رجال الاعمال المصريين ويمتلك إحدى أكبر شركات العقارات في مصر وهو عضو قيادي في الحزب الوطني الحاكم ومن الاعضاء المعينين بقرار رئاسي في مجلس الشورى المصري.