مقدمة
هذه الموسوعة هي أجزاء مختارة بعناية من موسوعة كبري بصدد الانتهاء من
وضعها . وقد آثرت إصدار هذه الموسوعة حتي يتيسر للكثيرين اقتناءها ولاسيما
وأنها تضم الحضارات القديمة الكبري لنتعرف عليها .وقد اخترت أن أسميها (موسوعة حضارات الشعوب) ، لأن أي حضارة مهما تفردت أو تنوعت فهي كلها بزغت تحت سقف سماء الكرة الأرضية حيث نعيش في عالم واحد .
والكل فيه مشاركون . فالحضارة العالمية هي امتزاج حضاري خلال العصور
والدهور كحلقات بنائية حضارية متصلة يكمل بعضها بعضا رغم شتاتها الجغرافي
وتعدد منابتها . فالإنسان أكتشف النار وصنع الفخار المشوي ليظل باقيا طوال
الأزمان.كما صنع آلاته وأدواته وزرع أرضه ليوفي الحاجة الحياتية وللتوافق
مع طبيعة هذه الحياة ولتسهيل طرق العيش له.وهذا تحقق من خلال طبيعة البشر
في الإيداع وميولهم للتطور. فهؤلاء البشر صنعوا هذه الحضارة بالمشاركة
الجماعية حيث قامت الحضارات التاريخية الكبري علي أكتاف العبيد حيث أقاموا
صروح الأوابد الكبري التي مازالت ماثلة أمامنا . ومن خلال ما خلفه الإنسان
في مسيرته وكينونته في الزمان والمكان ترك من بعده آثاره لتحكي لنا تاريخ
الأمم والشعوب التي غبرت في دهاليز الزمن .
وكانت رسالات تركوها وراءهم لنتعرف من خلال ما تركوه أو خلفوه علي حياتهم
وسبل معيشتهم وتاريخهم . حتي الإنسان البدائي في فجر البشرية ترك أدواته
وآلاته الحجرية التي مازالت آثارها بيننا حتي اليوم . وهذه الآثار الحجرية
وغيرها من الرسومات الجدارية فوق جدران الكهوف ونقوش الصخور في عصر ما قبل
التاريخ الإنساني تحكي لنا قصة الإنسان في عالمه القديم حيث صور العالم من
حوله بصدق . وهذا يدل علي أن الإنسان فنان بطبعه وصانع بعقله . وكل
الحضارات القديمة عبدت الشمس، لأنها كانت مصدر الضوء والدفء. وكل البشر
الأوائل عاشوا بالكهوف للوقاية من البرد والحر ولتوقي الحيوانات المفترسة.
وانطلق الإنسان الأول من أفريقيا علي أقدامه ليكتشف العالم من حوله. وكان
يحمل معه لغته وحضارته . واخترع الكتابة ليسجل الحوادث التي كانت تلم به
للأجيال القادمة. فالاختراعات كانت لضرورة حياتية أو تعاملية أو للاستغناء
عن القوة الحيوية في حياته بقدر الإمكان . فاخترع الآلة .من هنا كان
الامتزاج الحضاري سمة الإنسان وعرف من خلال هذا أنه لا يوجد من يعيش لنفسه
فقط . فكون مجتمعاته التي تنوعت فيها الأعمال والمهام.
فظهرت المدن والقرى وتخلي عن سكني الكهوف والأكواخ، وأخذ يبني بيته
من الحجارة والطوب اللبن كلما حل في مجتمع جديد. من هنا عرف البناء وعرف
الاستقرار المكاني .ولاحظ أن ثمة قوى أقوى منه كالشمس والرياح والبراكين
وغيرها. وهذه القوي كانت تؤرقه وتتهدده .
فعبدها تقية من شرورها ومضارها .فبني لها المعابد ليعبدها ويقدم القرابين
لإرضائها. وصاغ حولها أساطيره التي تواردت إلينا حيث مزج فيها بين الخيال
والواقع ولاسيما وأنه لا يعرف لها تفسيرا . فعلم الأساطير من أقدم العلوم
ويقوم علي العلة والسببية و ربطهما بخياله الجامح.والحضارة السائدة
والمعاصرة حاليا هي نتاج تراكمات تكوينية وتكميلية وبنائية لحضارات
وثقافات الشعوب ،وكلها تشكل ميراثا عالميا للإنسانية جمعاء .
وهذا ما جعل علماء الآثار والحضارات والجيولوجيا يتكاتفون للكشف عن
السجلات الزمنية لحقب الأرض وتاريخها الجيولوجي والبحث والتحري عن
الحضارات المغمورة والآثار المطمورة فوق اليابسة وتحت الماء وطبقات الجليد
وبين طبقات الصخور والجبال القائمة في شتي أنحاء العالم حاملين معهم
أجهزتهم التنقيبية والاستشعارية والاستكشافية لمكنونات الأرض والمحيطات .
ومما أسهم في تحقيق الإنجازات الضخمة تطور الأجهزة وأساليب البحث. ويواكب
هؤلاء العلماء علماء التاريخ ليصنعوا مادتهم ويؤرخوا هذه الحضارات ويسجلوا
أزمانها الموغلة في القدم و يتعرفوا من خلالها علي أصل الإنسان وتطوره
ونشأة الأرض والحياة فوقها . فهذه الموسوعة هي قصة الإنسان القديم
وإنجازاته الكبري ،نعرض فيها أحداثها ووقائعها من خلال ترتيبها الأبجدي
ليسهل الوصول للمعلومة الحضارية ولاسيما وأنها وضعت لغرض تعليمي وثقافي
ومرجعي للباحثين وطلبة أقسام التاريخ والحضارات والآثار ليسهل الرجوع
إليها للتعرف علي موضوعاتها ولزيادة الوعي الحضاري والتاريخي والأثري في
عصر المعلومات . وقد كتبت بناء علي مصادر و مراجع ثقاة ومحققة لتكون ثبتا
للأجيال يتوارثونها من خلال ما يضفي عليها من مصداقية تجعل القارئ يعيش
الماضي الحضاري للإنسانية. ولا شك أنها عمل مضن قد أستغرق سنوات. وهذا ما
سيتشعره القارئ لها من خلال سرد موضوعاتها . وسوف أكتبها بطريقة المعاجم
ليسهل التعرف علي المعلومة والوصول إليها, وسأزودها بالصور الحية.