جبت لكم قصه روووووووووعه اقل مايقال عنها
فيها رومنسيه وتراجيديا واكشن ودراما
راح احط الجزء الاول واذا شفت ردودكم اكمل الاجزاء الثانيه
الجزء الاول
تسللت نسمات رقيقة حانية في تلك الليلة من ليالي الصيف الحارة.. وبددت بحركتها قليلا من الحر السائد منذ أيام عديدة .. وفي غرفتها الصغيرة كانت هيلين مستلقية فوق سريرها الصغير وهبات النسيم الرقيقة تتسلل من نافذة الشرفة الملحقة بغرفتها وتتخلل خصلات شعرها الأشقر الناعم وتعبث بالستارة الوردية الرقيقة المثبتة على باب الشرفة الذي فتحته لتسمح للنسيم بالمرور..
كان الجو حارا قليلا ويغري بالاسترخاء مما جعل هيلين تغمض عينيها في تراخ وتسمح لجسدها بأن يتمتع بالراحة بعد يومها الذي كان شاقا .. وفجأة تناهت إلى مسامعها أنغام رقيقة للغاية تقطر حزنا وعذوبة تأتي من الخارج ..
اعتدلت هيلين في جلستها وأصاخت السمع أكثر كي تتأكد أن ما تسمعه ليس وهما ..
بالفعل أنها نغمات رقيقة جدا تأتي من جهة شرفتها وتتسلل في رفق وحنان إلى داخل غرفتها بل الى أذنيها وكيانها كله.. نغمات حزينة شعرت أنها تتغلغل إلى أعمق أعماق روحها فتحرك فيها عشرات المشاعر والأفكار ..
وتسمرت هيلين في مكانها تماما وهي منسجمة مع النغمات الحزينة لذلك اللحن الساحر وشعرت بكيانها كله يسبح بعيدا جدا وكأنه اصبح في مجرة أخرى من الكون ..
ثم توقف اللحن فجأة وانتفضت هيلين مع انقطاعه المباغت وكأنها تستيقظ من حلم.. وشعرت بلهفة بالغة لمعرفة من اين جاء هذا اللحن الحزين, فقفزت من فراشها في خفة ودست قدميها الرقيقتين في الخف الموضوع اسفل الفراش وأسرعت الى الشرفة تزيح الستارة الرقيقة وتحاول أن تستشف مصدر هذه الموسيقى العذبة ..
ولوهلة.. خيل إليها ان ذلك الشارع الهادىء الذي تطل عليه شرفتها خال تماما لكنها بعد أن أمعنت النظر استطاعت أن تراه جالسا هناك ..
كان فتىً وسيما له ملامح جميلة وتقاطيع نبيلة كأنها لاحد فرسان العصور الوسطى بشعره الأسود الفاحم وعيناه السوداوان اللتان تنافسان سواد شعره .. أما أغرب مافي هيئته فكان ثيابه ..
كانت ثيابه من لون واحد هو الاسود فقط.. حتى ربطة العنق التي يرتديها كانت سوداء وحذاءه ذا لون أسود أيضا واشترك كل هذا مع هيئته ليضفي عليه هالة غامضة وجذابة في نفس الوقت ..
وكان يمسك في يده بكمان صغير قدرت هيلين أنه مصدر تلك الالحان الحزينة ..
كان القمر مكتملا في تلك الليلة مما جعل الرؤية واضحة تماما لعيني هيلين.. وكان ضوء القمر يسقط على ذلك الشاب فيكسبه هالة ساحرة من الغموض والروعة في مزيج لا يوصف ..
لم يكن الشاب ينظر لها على الإطلاق بل كان جالسا على مقعد عتيق عريض يستقر هناك في جانب الشارع .. وكان يمسك في يده بذلك الكمان الصغير وينظر إلى ناحية المنزل المجاور لمنزل هيلين.. كان الشاب يبدو وكأنه لا يشعر بأي شيء حوله وهو يرنو ببصره لذلك المنزل الذي يبدو مظلما تماما ولا حياة فيه.. مرت ثوان وهو في هذا الوضع وخيل لهيلين وكأن الهواء ذاته قد توقف في هذه الثوان.. ثم نهض الشاب من جلسته وبدأ يتحرك في هدوء وبطء ليقطع الشارع ويتوارى في الظلام الذي بدد القمر المكتمل الكثير من عتمته ..
ولدقائق لم تدر عددها ظلت هيلين في مكانها مسمرة غير مصدقة لهذا المنظر العجيب الذي رأته قبل قليل ..
ثم انتفضت فجأة وكأنها تستفيق من حلم لذيذ وسرت في جسدها قشعريرة خفيفة وهي ترنوا ببصرها محاولة اختراق حجب الظلام ..
لم يكن هناك سوى الصمت وضوء القمر الذي يفترش أرضية الشارع الذي كان ساكنا خاليا.. ولم تجد هيلين بدا من العودة لغرفتها وهي تتساءل في حيرة عن كنه هذا الشاب الغامض صاحب الكمان وعن الذي يفعله في هذا الوقت وفي هذا المكان بالذات
لم تستطع النوم بسهولة وهي تفكر في ذلك المشهد وتستعيد تلك الانغام الساحرة التي أخذتها لعالم اخر تماما .. ترى من يكون هذا الشاب وما الذي يبحث عنه في المنزل المقابل
كانت هيلين وأسرتها الصغيرة المكونة منها ومن والدها بعد رحيل والدتها منذ سنوات قد أنتقلوا للعيش في هذه البلدة بسبب ظروف عمل والدها التي جعلته يسافر مع ابنته الوحيدة ويستأجرا هذا المنزل منذ أيام معدودة ..
بالتالي لم تكن تعرف الكثير بعد عن المنطقة والحي الذي تقطن فيه لكنها كانت تعلم على الاقل ان ذلك المنزل المجاور مهجور تماما ولا يسكن فيه أحد ..كان ذلك ظاهرا لاي شخص ينظر الى المنزل من الخارج ويلاحظ الابواب الموصدة والنوافذ التي لا ينبعث منها أي ضوء في الليل ..
وبعد أن تقلبت كثيرا في فراشها قررت ان تنسى الأمر ولو مؤقتا وان تحاول ان سنحت الفرصة ان تعرف أكثر عن ذلك المنزل الغامض لعلها بالتالي تعرف ما قصة هذا الشاب ..
كان اليوم التالي عاديا وانشغلت هيلين في تجهيز العديد من الامور في المنزل ومساعدة والدها في ترتيب بعض الاشياء واللوازم الضرورية وقد استغرق هذا النهار بأكمله مما جعلها تنسى حكاية ذلك العازف لبعض الوقت ..
وحين أقبل الليل وهي في غرفتها عادت تفكر في أحداث الليلة السابقة وتتساءل في سرها هل سيظهر ذلك الشاب مرة أخرى
وفي هذه المرة لم تستطع ان تمكث في غرفتها فغادرتها إلى الشرفة الصغيرة وجلست على كرسي صغير موضوع هناك وهي ترنو ببصرها هنا وهناك وكأنها تبحث عن ذلك الشاب الغامض ..
كان ذلك الشارع الذي تظل عليه غرفتها عريضا إلى حد ما يحده من جانبه الأيسر منزل هيلين وذلك المنزل المهجور وبيت اخر صغير يقع في اقصى طرف الشارع وفي الوسط هناك كنيسة قديمة لها ساحة عريضة تبدو مهجورة أيضا.. ومن الجانب الأيمن يطل الشارع على مجرى لنهر صغير يمتد لمسافة طويلة ويفصله عن الشارع سور حديدي قديم نوعا ما.. وارض الشارع نفسها مرصوفة بحجارة رمادية عريضة تعطيه مظهرا جميلا برغم قدمها ..وهناك جهة الكرسي الذي جلس عليه العازف توجد سنديانة عتيقة يستند ظهر الكرسي على جذعها القديم ..
كانت هيلين تتأمل كل هذه التفاصيل بينما ضوء القمر يفترش الأرض أمامها ويلامس سطح النهر فتتألق قطراته بضوء فضي هادىء يبعث النشوة في النفس ..
وغرقت هيلين تماما في تأملاتها ولم تفق منها الا حين لمحت خيال ذلك العازف وهو يدنو ببطء من ذلك الكرسي.. والغريب ان خطواته لم يكن لها صوت مسموع ولولا دخوله في مجال رؤيتها لما عرفت بقدومه ..
وفي هدوء شديد اتخذ ذلك الشاب مجلسه.. كان يرتدي نفس الملابس السابقة والكمان الصغير بين يديه وعيناه في إتجاه ذلك المنزل المهجور ..
وحبست هيلين أنفاسها وهي تراقب هذا المشهد في فضول وافتتان بدون ان تبدر عنها أدنى حركة.. وبعد لحظات قصيرة رفع ذلك الشاب الكمان إلى كتفه وبدأ يعزف عليه دون أن تفارق عيناه ذلك المنزل ..
وانطلقت الالحان العذبة الساحرة وشعرت هيلين بأنه لم يعد لها وجود مادي وهي تحلق في عوالم أخرى خيالية وتشعر انها تكاد تمتزج بذرات الكون ذاتها لتشاركها رقصتها الأبدية ..
لم تدر كيف ولا متى توقفت الالحان إلا حين شعرت بذلك الصمت يطبق على كل شيء وكأنما يشعر الهواء ذاته بالاعجاب تجاه تلك الالحان حتى انه توقف وتجمد تماما ..
ولم تشعر هيلين بنفسها الا وهي تصفق بكفيها في حرارة واعجاب بذلك العزف الفريد الذي سمعته.. ثم توقفت فجأة وقد خيل اليها ان الشاب سينتبه إليها مع سماع صوت تصفيقها ووضعت يدها على فمها في ترقب وهي تتابعه ببصرها منتظرة ردة فعله ..
لكن العجيب أن الفتى لم يبد وكأنه سمع شيئا وهو لا يزال في مكانه بنفس وضعيته السابقة ينظر في هدوء إلى ذلك المنزل ..
ثم - بنفس الهدوء - نهض من جلسته واستدار منصرفا ومبتعدا عن مجال نظر هيلين ..
ولم تنبس بحرف وهي تتابعه ببصرها في اهتمام والظلام يبتلعه ..
ويبتلعه ..
لم تغير من جلستها هناك لاكثر من ساعة كاملة وهي تفكر في هذا كله ..
ما هذا الذي يحدث أمامها من هذا الشاب ومن اين جاء ولماذا يجيء الى هذا المكان بالتحديد
هل هو يأتي كل ليلة ويفعل نفس الشيء .. مستحيل والا كانت شعرت به من قبل وهم في هذا المنزل منذ أربعة أيام تقريبا ..
ما السر الذي يخبئه خلف مظهره الغامض وعزفه الساحر
ثم ما قصة ذلك المنزل الذي يجلس في مقابله ولا يرفع بصره عنه
شعرت هيلين أن عقلها يكاد ينفجر من شدة التفكير .. واكتنفها إرهاق شديد جراء جهد النهار فقررت ان تخلد للنوم وهي عازمة على أن تفعل المستحيل لتعرف سر هذا الشاب ..